المعارض العقارية.. "كأنك يا بوزيد ما غزيت"
يعيش النشاط العقاري في المملكة هذه الأيام مرحلة ركود بسبب تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية التي أصابت العالم، ومن يعمل في هذا النشاط يلاحظ أن هناك انخفاضا متوسطا في الطلب وانخفاضا ملاحظا في الأسعار، لكن هذه الحال لن تطول كثيرا، لأن النشاط العقاري في المملكة لم يشهد موجة ارتفاعات كبيرة كما حدث في دول الخليج الأخرى وما يقال عن فقاعة في العقارات السعودية غير دقيق لأن الارتفاعات التي حدثت في السوق السعودية للمنتجات العقارية لا تتجاوز الـ 40 في المائة أسهم ارتفاع مواد البناء في معظمها، مقارنة بأسعار المنتجات المماثلة في دول الخليج الأخرى التي شهدت ارتفاعات كبيرة على مدى خمسة أعوام، وصل معها سعر الشقة الواحدة لعشرة أضعاف سعرها لدينا.
من هنا فإن مستقبل نشاط العقارات في المملكة ليس قاتما، كما يعتقد البعض، وأتوقع أن يستعيد قوته اعتبارا من منتصف هذا العام أو بداية الربع الرابع، مع الارتفاع المتوقع في أسعار النفط وبدأ الاقتصاد العالمي مرحلة التعافي بعد أسوأ أزمة مرت به خلال ثمانية عقود.
ورغم أن السوق السعودية تعد أكبر سوق عقارية في المنطقة إلا أنها تفتقد التنظيم من جهة والابتكار في المنتجات النهائية وطرق التسويق والتمويل من جهة أخرى، فلو أخذنا على سبيل المثال صناعة المعارض العقارية فسنجد أنها أقل تأثيرا من مثيلاتها في الدول الخليجية الأخرى في تطوير المنتجات العقارية وطرق التسويق والتمويل ويكاد يقتصر دورها على العرض والبيع التقليدي فقط.
من أهم الأدوات التي تسهم في تنشيط دور المعارض العقارية هي الطرق المبتكرة في التمويل وأنواع المنتجات والخدمات المقدمة قبل وبعد البيع، وهذه لم تحظ باهتمام الشركات السعودية حتى اليوم عكس الشركات الخليجية الرائدة في هذا المجال، كما أن الاهتمام بتنفيذ الوعود التي تقطعها الشركات المسوقة على نفسها، وخصوصا في موضوع الالتزام بتاريخ التسليم والصيانة والخدمات المقدمة يعطي صورة جيدة لها ويفيدها في المستقبل لتحقيق أهدافها ونشر صورة جيدة عنها لدى العملاء الجدد وهذا أمر مهم ينبغي أن تهتم به كثيرا الشركات العارضة.
إن التحديات التي تواجه معارض العقارات تتمثل في ضعف الإقبال من العارضين في ظل ارتفاع الأسعار أو المبالغة فيها، لأن هذا يمنع كثيرا من الشركات المتوسطة والصغيرة من المشاركة، كما أن احتكار شركات التطوير العقاري الكبرى لمعظم المساحات، وغياب شركات التمويل يحدان من تحقيق أهداف تلك المعارض، فالمشتري يريد عروضا مميزه وخدمات متكاملة تساعده في المضي في قراره.
نشاط المعارض بشكل عام هو ما سوّق المنتجات الصينية وجعلها تغزو دول العالم، لذا فالمعارض الداخلية ينبغي أن تركز على المستهدفين منها وهم شريحة الأفراد، لا أن تكون العروض من أجل تحقيق أهداف إعلامية على حساب هدفها الرئيس وهو التسويق، وهذا ما يعيب المعارض المحلية التي تركز في الغالب على الحضور الإعلامي على حساب الحضور التسويقي وتجهيز أو تحضير أدواته التي تسهم في نجاح المشاركة في المعرض.
لن تستفيد شركات التطوير العقاري من المعارض العقارية إذا استمرت في التسابق على حجز الأماكن الواسعة والمميزة ودفع مبالغ كبيرة لتصميم وتنفيذ أجنحتها ودفع مبالغ كبيرة للدعاية والإعلان ومبالغ أخرى للرعاية الماسية والذهبية وأغفلت تقديم خدمات ومنتجات مبتكرة تساعد المستهدفين في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية بقناعة، فالذي يحدث في تسويق المنتجات العقارية أنه لا يزال تقليديا رغم تقدم طرق التسويق في معظم دول العالم ومنها الدول الخليجية المجاورة.
رغم ارتفاع عدد شركات التطوير العقاري خلال السنوات الخمس الماضية إلا أنها تسير في طريق واحدة، يمكن وصفها بالتقليدية، فهي لم تبتكر طرق تسويق وتمويل جديدة ولم تبتكر في تنويع منتجاتها العقارية، بل ظلت تطور وحدات سكنية ومكتبية تقليدية وبطرق تمويل وتسويق مكررة، وهذا ما جعل سوقنا العقارية غير محفزة لاستثمارات جديدة في نشاط التطوير العقاري.
خاتمة:
سمعنا وقرأنا عن نحو 100 ألف وحدة سكنية ستقام في مدينة الرياض من قبل شركات وطنية وخليجية وعربية قبل حدوث الأزمة الاقتصادية العالمية لكن الأصوات خفتت ولا نعلم هل تأجلت تلك المشاريع أم تم إلغاؤها أم أنها ما زالت تسير بسرعة السلحفاة، فالعاصمة تحتاج إلى مساكن جديدة لمواجهة ارتفاع الطلب المتوقع خلال السنوات القادمة، إلا أننا في أمس الحاجة إلى حلول تمويلية تساعد على تسويق هذه الوحدات وهذا هو المهم