يوسف الفراج
قبل الحديث عن المساهمات العقارية لا بد من التذكير بأحكام زكاة العقار بصورة عامة والتي سبقت الإشارة إليها في المقال السابق , فأما أصل العقار أو «رقبته» كما يعبر الفقهاء فلا زكاة فيه إلا إذا كان معروضاً للتجارة, وتسري عليه أحكام عروض التجارة من حيث حولان الحول «السنة», وضمه إلى أمواله الأخرى, ونصاب الزكاة فيه, والواجب فيه - وهو ربع العشر– «اثنان ونصف في المائة» ويقدر العقار بقيمته السوقية لا الشرائية, وبداية الحول من تاريخ عرضه للتجارة, سواء لدى المكاتب العقارية أو أن يكون من قبل مالكه, فإذا كانت النية مترددة فلا زكاة فيه حتى يعقد النية.
أما إن كان العقار مؤجراً أو محلاً تجارياً ونحو ذلك فالزكاة في غلته فقط, فيضمها إلى ماله ويزكيها زكاة العروض, وإذا كان العقار مزروعاً فتجب فيه زكاة الزروع والثمار, وأما إذا لم يكن من الأصناف السابقة فلا زكاة فيه كالدور المسكونة والاستراحات والأراضي التي لم تعد للبيع وما شابه ذلك.
و»المساهمات العقارية» كما هو معلوم من التجارات التي مادتها العقار بيعاً وشراءً وتطويراً وتأجيراً ونحو ذلك من الأعمال المتعلقة بها, وتُكيّف فقهاً على أنها «شركة مضاربة», وعلى هذا فإنها تزكى كما تُزكى الشركات, فإذا كان من يدير المساهمة يزكيها فلا زكاة على المساهمين لأنه وكيلٌ عنهم في إخراج الزكاة, وأما إذا لم يزكها فيلزم المساهمين الزكاة كلاً حسب حصته, وتزكى زكاة عروض التجارة.
وبخصوص المساهمات المتعثرة بسبب مدير المساهمة لتلاعبه بالأموال – مثلاً -, وعدم تسليم المساهمين حقوقهم, أو لو كان صادقا ولكن رفض تسليمهم حقوقهم بسبب ترقبه ارتفاع السوق, فلا زكاة على المساهمين حينئذٍ, وهذه الصورة شبيهة بما قرره بعض العلماء وعليه الفتوى من أنه لا زكاة على من كان له دين على معسر أو مليء مماطل أو جاحد, ووجه ذلك أن المُلك غير كامل هنا والمال ليس بيد صاحبه فلم تكتمل شروط وجوب الزكاة, ويرى بعض العلماء أنه يزكيه لسنة واحدة إذا قبضه.
وإذا كانت المساهمة موقفة من قبل طرف ثالث كالجهات الحكومية المختصة, فهذه – والله أعلم – انقطع حولها لأنها لم تعد عروض تجارة وليس هناك ما يوجب الزكاة فيها ,- كما إذا قطع مالك العقار نيته ببيع العقار -, ولابد من تبيّن الأمر: فإما أن تسلم المبالغ لأصحابها فيستقبلوا بها حولاً جديداً, أو تكمل المساهمة فتجب الزكاة بشروطها, أو يتعذر تسليم المبالغ لأصحابها فلا زكاة إذاً.
وفي هذا الإطار لا بد من التنبيه إلى أن البعض قد يظن أن الخسارة في التجارة - سواء كانت عقارا أو أسهما أو غيرها- : مسوغ لعدم إخراج الزكاة فيما بقي من المال وهذا تصور خاطئ, فالزكاة تجب فيما بقي من المال إذا كان نصابا واكتملت شروط الزكاة الأخرى ولو كانت التجارة خاسرة."